فصل: الشاهد الثاني والثلاثون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.فتنة ابن طولون مع الموفق.

لما استأمن الزنج وتغلبوا على نواحي البصرة وهزموا العساكر بعث المعتمد إلى الموفق وكان المهتدي نفاه إلى مكة فعهد له المعتمد بعد ابنه المفوض وقسم ممالك الإسلام بينهما وجعل الشرق للموفق ودفعه لحرب الزنج وجعل الغرب للمفوض واستخلف عليه موسى بن بغا واستكتب موسى بن عبيد الله بن سليمان بن وهب وأودع كتاب عهدهما في الكعبة وسار الموفق لحرب الزنج واضطرب الشرق وقعد الولاة عن الحمل وشكا الموفق الحاجة إلى المال وكان ابن طولون ببعث الأموال إلى المعتمد يصطنعه بذلك فأنفذ الموفق نحريرا خادم المتوكل إلى أحمد بن طولون يستحثه لحمل الأموال والطراز والرقيق والخيل ودس إليه أن يعتقله واطلع على الكتب وقتل بعض القواد وعاتب آخرين وبعث مع نحرير ألفي ألف ومائتي ألف دينار ورقيقا وطرزا وجمع الرسم وبعث معه من أسلمه إلى ثقة أناجور صاحب الشام ولما فعل ابن طولون بنحرير ما فعل كتب الموفق إلى موسى بن بغا بصرف أحمد بن طولون عن مصر وتقليدها أناجور فكتب إلى أناجور بتقليدها فعجز عن مناهضة أحمد فسار موسى بن بغا ليسلم إليه مصر وبلغ الرقة واستحث أحمد في الأموال فتهيأ أحمد لحربه وحصن الجزيرة معقلا لحربه وذخيرته وأقام موسى بالرقة عشرة أشهر واضطرب عليه الجند وشغبوا وطالبوه بالأرزاق واختفى كاتبه موسى بن عبيد الله بن وهب فرجع وتوفي سنة أربع وستين ومائتين ثم كتب الموفق إلى ابن طولون باستقلال ما حمله من المال وعنفه وهدده فأساء ابن طولون جوابه وأن العمل لجعفر بن المعتمد ليس لك فأحفظ ذلك الموفق وسأل من المعتمد أن يولي على الثغور من يحفظها وأن ابن طولون لا يؤمن عليها لقلة اهتمامه بأمرها فبعث محمد بن هرون التغلبي عامل الموصل وركب السفن فألقته الريح بشاطئ دجلة فقتله الخوارج أصحاب مسا والساري.

.ولاية أحمد بن طولون على الثغور.

وكانت أمهات الثغور يومئذ أنطاكية وطرسوس والمصيصة وملطية وكان على أنطاكية محمد بن علي بن يحيى الأرمني وعلى طرسوس سيما الطويل وإليه أمر الثغور وجاء في بعض أيامه إلى أنطاكية فمنعه الأرمني من الدخول فدس إلى أهل البلد بقتله فقتلوه وأحفظ ذلك الموفق فولى على الثغور أرجون بن أولغ طرخان التركي وأمره بالقبض على سيما الطويل فقام بالثغور وأساء التصرف وحبس الأرزاق عن أهلها وكانت قلعة لؤلؤة من قلاع طرسوس في نحر العدو وأهم أهل طرسوس أمرها فبعثوا إلى حاميتها خمسة آلاف دينار رزقا من عندهم فأخذها أرجون لنفسه وضاعت حاميتها وافترقوا وكتب الموفق إلى أحمد بن طولون بتقليد الثغور وأن يبعث عليها من قبله فبعث من قبله وكتب الموفق إلى أحمد بن طولون بتقليد الثغور وأن يبعث عليها من قبله فبعث من قبله طحشي بن بكروان وحسنت حالهم وطلب منه ملك الروم الهدنة واستأذن في ذلك ابن طولون فمنعه وقال: إنما حملهم على ذلك تخريبكم لقلاعهم وحصونهم فيكون في الصلح راحة لهم فحاش لله منه وأمره برم الثغور وأرزاق الغزاة.

.استيلاء أحمد بن طولون على الشام.

قد تقدم لنا ولاية أناجور على دمشق سنة سبع وخمسين ومائتين وما وقع بينه وبين أحمد بن طولون ثم توفي أناجور في شعبان سنة أربع وستين ومائتين ونصب ابنه في مكانه وقام يدبر أمره أحمد بن بغا وعبيد الله بن يحيى بن وهب وسار إلى الشام موريا بمشارفة الثغور واستخلف ابنه العباس على مصر وضم إليه أحمد بن محمد الواسطي وعسكر في مينة الإصبع وكتب إلى علي بن أناجور بإقامة الميرة للعساكر فأجاب الآمال وسار ابن طولون إلى الرملة وبها محمد بن أبي رافع من قبل أناجور ومدبر دولته أحمد بن هنالك منذ نفاه المهتدي فأكرمه ثم سار عن دمشق واستخلف عليها أحمد بن دوغياش ورحل إلى حمص وبها أكبر قواد أناجور فشكت الرعية منه فعزله وولى يمتا التركي ثم سار إلى أنطاكية وقد امتنع بها سيما الطويل بعد أن كتب بالطاعة وأن ينصرف عنه فأبى وحاصرها وشد حصارها وضجر أهلها من سيما فداخل بعضهم أحمد بن طولون ودلوه على بعض المسارب فدخلها منه في فاتحة خمس وستين وقتل سيما الطويل وقبض على أمرائه وكاتبه ثم سار إلى طرسوس فملكها ودخلها في خلق كثير وشرع في الدخول إلى بلاد الروم للغزو وبينما هو يروم ذلك جاءه الخبر بانتقاض ابنه العباس الذي استخلفه بمصر فرجع وبعث عسكرا إلى الرقة وعسكرا إلى حران وكانت لمحمد بن أناشر فأخرجوه عنها وهزموه وبلغ الخبر إلى أخيه موسى فسار إلى حران وكان شجاعا وكان مقدم العسكر بحران ابن جيعونه فأهمه أمرهم فقال له أبو الأغر من العرب: أنا آتيك بموسى واختار عشرين فارسا من الشجعان وسار إلى معسكر موسى فأكمن بعضهم ودخل بالباقين بعض الخيام فعقدت واهتاج العسكر وهرب أبو الأغر واتبعوه فخرج عليهم الكمين فهزموهم وأسر موسى وجاء به أبو الأغر إلى ابن جيعونة قائد ابن طولون فاعتقله وعاد إلى مصر سنة ست وستين ومائتين.